الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قصة حياة

يهوه أصغى بانتباه إلى صلواتي

يهوه أصغى بانتباه إلى صلواتي

في إحْدى اللَّيالي حينَ كانَ عُمري عَشْرَ سِنين،‏ كُنتُ أتَفَرَّجُ على النُّجومِ تَلمَعُ في سَماءِ اللَّيل.‏ فاندَفَعتُ أن أركَعَ على رُكبَتَيَّ وأُصَلِّي.‏ كُنتُ قد تَعَلَّمتُ عن يَهْوَه مُنذُ وَقتٍ قَصير.‏ مع ذلِك،‏ فَتَحتُ لهُ قَلبي وأخبَرتُهُ عن مَخاوِفي.‏ هذِهِ الصَّلاةُ كانَت بِدايَةَ رِحلَةِ حَياتي مع يَهْوَه اللّٰه،‏ «سامِعِ الصَّلاة».‏ (‏مز ٦٥:‏٢‏)‏ دَعوني أُخبِرُكُم لِماذا صَلَّيتُ إلى إلهٍ بِالكادِ أعرِفُه.‏

زِيارَةٌ غَيَّرَت حَياتي

وُلِدتُ في ٢٢ كَانُون الأوَّل (‏دِيسَمْبِر)‏ ١٩٢٩ في قَريَةٍ صَغيرَة اسْمُها نُوفِيل فيها تِسعُ مَزارِع،‏ وهي قَريبَةٌ مِن بَلدَةِ بَاسْتُون في مِنطَقَةِ الأرْدِين البَلْجِيكِيَّة.‏ ولَدَيَّ ذِكرَياتٌ عَزيزَة مِن طُفولَتي في المَزرَعَةِ مع عائِلَتي.‏ فأنا وأخي الأصغَرُ رِيمُون كُنَّا نَحلُبُ الأبقارَ كُلَّ يَومٍ ونُساعِدُ في الحَصادِ كُلَّ مَوْسِم.‏ كانَ جَميعُ أهلِ قَريَتِنا يَدًا واحِدَة،‏ يَتَعاوَنونَ في كُلِّ شَيء.‏

مع عائلتي نعمل في مزرعتنا

كانَ أبي إمِيل وأُمِّي ألِيس كاثوليكِيَّيْنِ مُخلِصَيْن.‏ فكانا يَحضُرانِ القُدَّاسَ كُلَّ أحَد.‏ ولكنْ نَحوَ سَنَةِ ١٩٣٩،‏ جاءَ إلى قَريَتِنا فاتِحونَ مِن إنْكِلْتَرَا وعَرَضوا على أبي اشتِراكًا في مَجَلَّة التَّعزِيَة (‏تُدْعى الآن إستَيقِظ!‏‏)‏.‏ وخِلالَ وَقتٍ قَصير،‏ مَيَّزَ أبي أنَّ هذا هوَ الحَقُّ وبَدَأ يَقرَأُ الكِتابَ المُقَدَّس.‏ وحينَ تَوَقَّفَ عن حُضورِ القُدَّاس،‏ تَحَوَّلَ جيرانُنا الَّذينَ كانوا مُحِبِّينَ جِدًّا إلى مُقاوِمينَ شَرِسين.‏ وصاروا يَضغَطونَ على أبي كَي يَبْقى كاثوليكِيًّا.‏ وهذا أدَّى إلى الكَثيرِ مِنَ الجِدالاتِ الحامِيَة.‏

حَزِنتُ كَثيرًا حينَ رَأيْتُ أبي يَتَعَرَّضُ لِهذا الضَّغطِ الشَّديد.‏ فاندَفَعتُ أن أُصَلِّيَ إلى اللّٰهِ مِن كُلِّ قَلبي وأطلُبَ مُساعَدَتَه،‏ كما أخبَرتُكُم في بِدايَةِ المَقالَة.‏ وعِندَما خَفَّت مُقاوَمَةُ الجيران،‏ امتَلَأَ قَلبي بِالفَرَح.‏ واقتَنَعتُ أنَّ يَهْوَه هو «سامِعُ الصَّلاة».‏

الحَياةُ خِلالَ الحَرب

إجتاحَت ألْمَانِيَا النَّازِيَّة بَلْجِيكَا في ١٠ أيَّار (‏مَايُو)‏ ١٩٤٠.‏ فاضطُرَّ كَثيرونَ مِنَ المَدَنِيِّينَ أن يَترُكوا البِلاد.‏ عائِلَتُنا هَرَبَت إلى جَنوبِ فَرَنْسَا.‏ وفي الطَّريق،‏ وَجَدْنا أنفُسَنا أكثَرَ مِن مَرَّة عالِقينَ وَسَطَ المَعارِكِ الحامِيَة بَينَ القُوَّاتِ الألْمَانِيَّة والقُوَّاتِ الفَرَنْسِيَّة.‏

عِندَما عُدنا إلى مَزرَعَتِنا،‏ اكتَشَفْنا أنَّ مُعظَمَ مُمتَلَكاتِنا قد نُهِبَت.‏ وَحْدَهُ كَلبُنا «بُوبِي» كانَ هُناك لِيَستَقبِلَنا.‏ أحداثٌ كهذِه دَفَعَتني أن أُفَكِّر:‏ ‹لِماذا هُناك حَربٌ وعَذاب؟‏›.‏

في صغري،‏ نمَّيت علاقة قوية بيهوه

في تِلكَ الفَترَة،‏ استَفَدنا كَثيرًا مِن زِياراتِ الأخ إمِيل شْرَانْتْز a الَّذي كانَ شَيخًا وفاتِحًا أمينًا.‏ فهو شَرَحَ لنا بِوُضوحٍ مِنَ الكِتابِ المُقَدَّسِ لِماذا هُناكَ الكَثيرُ مِنَ العَذابِ وجاوَبَ على أسئِلَتي الأُخْرى المُتَعَلِّقَة بِالحَياة.‏ وهذا ساعَدَني أن أُقَوِّيَ عَلاقَتي بِيَهْوَه،‏ وصِرتُ مُقتَنِعًا أنَّهُ إلهُ مَحَبَّة.‏

حتَّى قَبلَ أن تَنتَهِيَ الحَرب،‏ كانَ لَدى عائِلَتِنا فُرَصٌ أكثَرُ لِمُعاشَرَةِ الإخوَة.‏ ففي آب (‏أُغُسْطُس)‏ ١٩٤٣،‏ زارَ مَزرَعَتَنا الأخ جُوزِي-‏نِيكُولَا مِينِيه لِيُقَدِّمَ خِطابًا.‏ وخِلالَ الخِطاب،‏ سَأل:‏ «مَن يُريدُ أن يَعتَمِد؟‏».‏ فرَفَعْنا أيْدِيَنا أنا وأبي.‏ وقدِ اعتَمَدْنا في نَهرٍ صَغيرٍ قُربَ مَزرَعَتِنا.‏

في كَانُون الأوَّل (‏دِيسَمْبِر)‏ ١٩٤٤،‏ شَنَّ الجَيشُ الألْمَانِيُّ هُجومَهُ الرَّئيسِيَّ الأخيرَ في جَبهَتِهِ الغَربِيَّة،‏ المَعروفَ عُمومًا بِاسْمِ مَعرَكَةِ الثُّغرَة.‏ وكُنَّا نَعيشُ قُربَ أرضِ المَعرَكَة.‏ لِذلِك بَقينا شَهرًا تَقريبًا مُختَبِئينَ في قَبْوِ بَيتِنا.‏ وفي أحَدِ الأيَّامِ حينَ خَرَجتُ لِأُطعِمَ الحَيَوانات،‏ سَقَطَت قَذائِفُ مِدفَعِيَّة على المَزرَعَةِ وطَيَّرَت سَقفَ الحَظيرَة.‏ فصَرَخَ جُندِيٌّ أمِيرْكِيٌّ كانَ هو أيضًا في الإسطَبْل:‏ «إنبَطِحْ بِسُرعَة!‏».‏ رَكَضتُ ورَمَيتُ نَفْسي قُربَه،‏ فوَضَعَ خوذَتَهُ على رَأسي لِيَحْمِيَني.‏

النُّمُوُّ الرُّوحِيّ

في يوم زفافنا

بَعدَ الحَرب،‏ استَطَعنا أن نَتَواصَلَ بِاستِمرارٍ مع جَماعَةٍ في لِيَاج،‏ الَّتي تَبعُدُ حَوالَيْ ٩٠ كيلومِترًا إلى الشَّمال.‏ ومعَ الوَقت،‏ تَمَكَّنَّا مِن تَأسيسِ فَريقِ دَرسٍ صَغيرٍ في بَاسْتُون.‏ وبَدَأتُ أعمَلُ في مَجالِ الضَّرائِبِ وسَمَحَت لي الفُرصَةُ أن أدرُسَ الحُقوق.‏ ولاحِقًا عَمِلتُ كمُوَظَّفٍ لَدى كاتِب عَدل.‏ وسَنَةَ ١٩٥١،‏ رَتَّبْنا لِاجتِماعٍ دائِرِيٍّ صَغيرٍ في بَاسْتُون حَضَرَهُ مِئَةُ شَخصٍ تَقريبًا،‏ بِمَن فيهِم فاتِحَةٌ نَشيطَة جِدًّا اسْمُها إلِّلي رُويْتِر.‏ وكانَت إلِّلي قد قَطَعَت مَسافَةَ ٥٠ كيلومِترًا على الدَّرَّاجَةِ الهَوائِيَّة لِتَحضُرَ الاجتِماع.‏ وسُرعانَ ما وَقَعنا في الحُبِّ وأعلَنَّا خُطوبَتَنا.‏ وكانَت إلِّلي قد تَلَقَّت دَعوَةً لِتَحضُرَ مَدرَسَةَ جِلْعَاد في الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَة.‏ فكَتَبَت إلى المَركَزِ الرَّئيسِيِّ العالَمِيِّ لِتَشرَحَ لِماذا تَنْوي أن تَرفُضَ الدَّعوَة.‏ فأجابَها بِلُطفٍ الأخ نُور،‏ الَّذي كانَ آنَذاكَ يَأخُذُ القِيادَةَ بَينَ شَعبِ يَهْوَه،‏ أنَّها قد تَحضُرُ جِلْعَاد يَومًا ما مع زَوجِها.‏ وقد تَزَوَّجْنا في شُبَاط (‏فِبْرَايِر)‏ ١٩٥٣.‏

إلِّلي وابننا سيرج

في السَّنَةِ نَفْسِها،‏ حَضَرنا أنا وإلِّلي الاجتِماعَ الأُمَمِيَّ بِعُنوان «مُجتَمَعُ العالَمِ الجَديدِ» الَّذي عُقِدَ في يَانْكِي سْتَادِيُوم بِنْيُويُورْك.‏ وهُناكَ الْتَقَيتُ أخًا عَرَضَ عَلَيَّ وَظيفَةً جَيِّدَة وشَجَّعَني أن أُهاجِرَ إلى الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَة.‏ فصَلَّينا أنا وإلِّلي إلى يَهْوَه،‏ ثُمَّ قَرَّرنا أن نَرفُضَ العَرضَ ونَعودَ إلى بَاسْتُون في بَلْجِيكَا لِنَدعَمَ الفَريقَ الصَّغيرَ المُؤَلَّفَ مِن عَشَرَةِ ناشِرينَ تَقريبًا.‏ وفي السَّنَةِ التَّالِيَة،‏ فَرِحنا بِوِلادَةِ ابْنِنا سِيرْج.‏ لكنْ لِلأسَف،‏ بَعدَ سَبعَةِ أشهُر،‏ مَرِضَ سِيرْج وتُوُفِّي.‏ عَبَّرنا لِيَهْوَه عن حُزنِنا الكَبير،‏ وتَقَوَّينا بِأمَلِنا الأكيدِ بِالقِيامَة.‏

الخِدمَةُ كامِلَ الوَقت

في تِشْرِين الأوَّل (‏أُكْتُوبَر)‏ ١٩٦١،‏ وَجَدتُ عَمَلًا بِدَوامٍ جُزْئِيٍّ يَسمَحُ لي أن أكونَ فاتِحًا.‏ ولكنْ في نَفْسِ اليَوم،‏ تَلَقَّيتُ اتِّصالًا مِن خادِمِ الفَرعِ في بَلْجِيكَا.‏ سَألَني هل أقدِرُ أن أبدَأَ بِالخِدمَةِ كخادِمِ دائِرَةٍ (‏يُدْعى الآنَ ناظِرَ دائِرَة)‏.‏ فجاوَبتُه:‏ «هل نَقدِرُ أن نَخدُمَ كفاتِحَيْنِ أوَّلًا قَبلَ أن نَقبَلَ هذا التَّعيين؟‏».‏ وقد وافَقَ الإخوَةُ على طَلَبي.‏ فخَدَمْنا كفاتِحَيْنِ ثَمانِيَةَ أشهُرٍ ثُمَّ بَدَأنا بِالعَمَلِ الدَّائِرِيِّ في أيْلُول (‏سِبْتَمْبِر)‏ ١٩٦٢.‏

بَعدَ سَنَتَيْنِ في العَمَلِ الدَّائِرِيّ،‏ دُعينا لِنَخدُمَ في بَيْت إيل بِبْرُوكْسِل.‏ فبَدَأنا نَخدُمُ هُناك في تِشْرِين الأوَّل (‏أُكْتُوبَر)‏ ١٩٦٤.‏ وهذا التَّعيينُ الجَديدُ حَمَلَ معهُ بَرَكاتٍ كَثيرَة.‏ فبَعدَ وَقتٍ قَصيرٍ مِن زِيارَةِ الأخ نُور لِبَيْت إيل سَنَةَ ١٩٦٥،‏ تَفاجَأتُ بِتَعييني كخادِمٍ لِلفَرع.‏ ولاحِقًا،‏ دُعينا أنا وإلِّلي لِنَحضُرَ الصَّفَّ الـ‍ ٤١ مِن مَدرَسَةِ جِلْعَاد.‏ وهكَذا تَحَقَّقَتِ الكَلِماتُ الَّتي قالَها الأخ نُور قَبلَ ١٣ سَنَة!‏ وبَعدَ التَّخَرُّج،‏ عُدنا إلى بَيْت إيل في بَلْجِيكَا.‏

الدِّفاعُ عن حُقوقِنا القانونِيَّة

على مَرِّ السِّنين،‏ كانَ لَدَيَّ الامتِيازُ أن أستَفيدَ مِن خِبرَتي القانونِيَّة لِأُساهِمَ في الدِّفاعِ عن حُرِّيَّتِنا أن نَعبُدَ يَهْوَه في أُورُوبَّا وأماكِنَ أُخْرى.‏ (‏في ١:‏٧‏)‏ وهذا أتاحَ لي أن أتَواصَلَ مع مَسؤولينَ حُكومِيِّينَ مِن أكثَرَ مِن ٥٥ بَلَدًا حَيثُ عَمَلُنا مُقَيَّدٌ أو مَحظور.‏ وبَدَلَ أن ألفِتَ الانتِباهَ إلى خِبرَتي القانونِيَّة،‏ كُنتُ أُعَرِّفُ عن نَفْسي أنَّني «خادِمٌ لِلّٰه».‏ ولَطالَما تَطَلَّعتُ إلى يَهْوَه كَي أنالَ تَوجيهَه،‏ لِأنِّي أعرِفُ أنَّ «قَلبَ المَلِكِ مِثلُ مَجْرى ماءٍ في يَدِ يَهْوَه.‏ يُوَجِّهُهُ أينَما يُريد».‏ —‏ أم ٢١:‏١‏.‏

أحَدُ الاختِباراتِ الَّتي لن أنساها أبَدًا هو ما حَصَلَ معي حينَ كُنتُ أُقابِلُ عُضوًا في البَرلَمانِ الأُورُوبِّيّ.‏ كُنتُ قد طَلَبتُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ أن أتَكَلَّمَ معه.‏ وأخيرًا،‏ وافَقَ أن يَراني.‏ قالَ لي:‏ «أُعطيكَ خَمسَ دَقائِق،‏ ولا دَقيقَةً واحِدَة أكثَر».‏ فحَنَيتُ رَأسي وبَدَأتُ أُصَلِّي.‏ فسَألَني بِعَصَبِيَّةٍ ماذا أفعَل.‏ فرَفَعتُ رَأسي وقُلتُ له:‏ «شَكَرتُ اللّٰهَ لِأنَّكَ واحِدٌ مِن خُدَّامِه».‏ فاستَغرَبَ وسَألَني:‏ «ماذا تَقصِد؟‏».‏ عِندَئِذٍ أرَيتُهُ رُومَا ١٣:‏٤‏.‏ ولِأنَّهُ كانَ بُرُوتِسْتَانْتِيًّا،‏ لَفَتَت هذِهِ الآيَةُ انتِباهَه.‏ وبِالنَّتيجَة،‏ أعْطاني نِصفَ ساعَةٍ مِن وَقتِهِ وكانَ لِقاؤُنا ناجِحًا جِدًّا،‏ حتَّى إنَّهُ عَبَّرَ عنِ احتِرامِهِ لِعَمَلِنا.‏

على مَرِّ السِّنين،‏ خاضَ شَعبُ يَهْوَه الكَثيرَ مِنَ المَعارِكِ القانونِيَّة في أُورُوبَّا الَّتي لها عَلاقَةٌ بِالحِيادِ المَسِيحِيّ،‏ حَضانَةِ الأوْلاد،‏ دَفعِ الضَّرائِب،‏ وغَيرِها.‏ وكانَ امتِيازي أن أُشارِكَ في العَديدِ مِنها وأرى عن قُربٍ كَيفَ مَنَحَنا يَهْوَه النَّجاحَ والنَّصر.‏ وقد رَبِحَ شُهودُ يَهْوَه أكثَرَ مِن ١٤٠ قَضِيَّةً في المَحكَمَةِ الأُورُوبِّيَّةِ لِحُقوقِ الإنسان!‏

المَزيدُ مِنَ الحُرِّيَّةِ في كُوبَا

خِلالَ تِسعيناتِ القَرنِ الماضي،‏ عَمِلتُ معَ الأخ فِيلِيب بْرَمْلِي مِنَ المَركَزِ الرَّئيسِيِّ العالَمِيِّ والأخ فَالْتِر فَارْنِيتِي مِن إيطَالِيَا،‏ كَي يَصيرَ لَدى إخوَتِنا في كُوبَا المَزيدُ مِنَ الحُرِّيَّةِ الدِّينِيَّة لِأنَّ عَمَلَنا كانَ مُقَيَّدًا هُناك.‏ فكَتَبتُ إلى سِفارَةِ كُوبَا في بَلْجِيكَا،‏ ثُمَّ الْتَقَيتُ بِالمَسؤولِ المُعَيَّنِ لِمُعالَجَةِ طَلَبِنا.‏ خِلالَ اجتِماعاتِنا الأُولى،‏ لم نُحَقِّقْ سِوى تَقَدُّمٍ بَسيطٍ لِحَلِّ سوءِ الفَهمِ الَّذي أدَّى إلى فَرضِ القُيود.‏

مع الأخوين فالتر فارنيتي وفيليب برملي خلال إحدى زياراتنا إلى كوبا في التسعينات

وبَعدَ أن صَلَّينا إلى يَهْوَه كَي يُوَجِّهَنا،‏ حَصَلنا على إذْنٍ بِأن نَشحَنَ ٠٠٠‏,٥ كِتابٍ مُقَدَّسٍ إلى كُوبَا.‏ وقد وَصَلَتِ الكُتُبُ المُقَدَّسَةُ بِالسَّلامَةِ ووُزِّعَت على الإخوَة،‏ فتَأكَّدنا أنَّ يَهْوَه يُبارِكُ جُهودَنا.‏ عِندَئِذٍ،‏ طَلَبنا إذْنًا بِأن نُرسِلَ شِحنَةً أُخْرى مِن ٥٠٠‏,٢٧ كِتابٍ مُقَدَّس.‏ فوافَقَتِ السُّلُطاتُ على طَلَبِنا.‏ وكم فَرِحتُ لِأنِّي ساعَدتُ إخوَتَنا في كُوبَا كَي يَحصُلوا على نُسَخٍ شَخصِيَّة مِنَ الكِتابِ المُقَدَّس!‏

زُرتُ كُوبَا في مُناسَباتٍ عَديدَة كَي أُساهِمَ في تَحسينِ وَضعِنا القانونِيِّ هُناك.‏ وتَمَكَّنتُ أن أبْنِيَ عَلاقاتٍ طَيِّبَة مع كَثيرينَ مِنَ المَسؤولينَ الحُكومِيِّين.‏

مُساعَدَةُ إخوَتِنا في رُوَانْدَا

سَنَةَ ١٩٩٤،‏ ذُبِحَ أكثَرُ مِن ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١ شَخصٍ في إبادَةٍ جَماعِيَّةٍ ضِدَّ قَبيلَةِ التُّوتْسِي في رُوَانْدَا.‏ ولِلأسَفِ قُتِلَ بَعضُ إخوَتِنا وأخَواتِنا أيضًا.‏ وبَعدَ وَقتٍ قَصير،‏ طُلِبَ مِن فَريقٍ مِنَ الإخوَةِ أن يُرَتِّبوا لِتَقديمِ مُساعَداتٍ إنسانِيَّة لِلإخوَةِ هُناك.‏

وعِندَما وَصَلَ فَريقُنا إلى العاصِمَةِ كِيغَالِي،‏ وَجَدْنا أنَّ الرَّصاصَ مَزَّقَ الحيطانَ في مَكتَبِ التَّرجَمَةِ ومَخزَنِ المَطبوعات.‏ وسَمِعْنا الكَثيرَ مِنَ القِصَصِ المَأساوِيَّة عن إخوَةٍ وأخَواتٍ قُتِلوا بِالسَّاطور.‏ لكنَّنا سَمِعْنا أيضًا قِصَصًا أظهَرَت كَيفَ تَرجَمَ الإخوَةُ مَحَبَّتَهُمُ المَسِيحِيَّة إلى أعمال.‏ مَثَلًا،‏ الْتَقَينا بِأخٍ مِن قَبيلَةِ التُّوتْسِي اختَبَأَ في حُفرَةٍ تَحتَ الأرضِ طَوالَ ٢٨ يَومًا بِحِمايَةِ عائِلَةٍ مِنَ الشُّهودِ مِن قَبيلَةِ الهُوتُو.‏ وقد عَقَدْنا اجتِماعًا في كِيغَالِي لِنُقَدِّمَ التَّعزِيَةَ مِنَ الكِتابِ المُقَدَّسِ لِأكثَرَ مِن ٩٠٠ أخٍ وأُخت.‏

إلى اليمين:‏ كتاب مزَّقته رصاصة في مكتب الترجمة

إلى الشمال:‏ فيما كنا نعمل على تأمين المساعدات الإنسانية

عَبَرْنا بَعدَ ذلِكَ الحُدودَ إلى زَائِير (‏الآنَ جُمْهُورِيَّة الكُونْغُو الدِّيمُوقْرَاطِيَّة)‏ لِنَبحَثَ عن عَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ الشُّهودِ الَّذينَ هَرَبوا مِن رُوَانْدَا إلى مُخَيَّماتِ اللَّاجِئينَ قُربَ مَدينَةِ غُومَا.‏ لكنَّنا لم نَقدِرْ أن نَجِدَهُم.‏ فصَلَّينا إلى يَهْوَه كَي يُوَجِّهَنا إلَيهِم.‏ ثُمَّ رَأيْنا شَخصًا يَمْشي نَحوَنا.‏ فسَألناهُ إن كانَ يَعرِفُ أحَدًا مِن شُهودِ يَهْوَه.‏ أجاب:‏ «نَعَم،‏ أنا مِن شُهودِ يَهْوَه.‏ ويَسُرُّني أن آخُذَكُم إلى لَجنَةِ الإغاثَة».‏ وبَعدَ اجتِماعٍ مُشَجِّعٍ مع لَجنَةِ الإغاثَة،‏ الْتَقَينا حَوَالَيْ ٦٠٠‏,١ لاجِئٍ وقَدَّمْنا لهُمُ التَّعزِيَةَ والدَّعمَ الرُّوحِيّ.‏ كما أنَّنا قَرَأنا لهُم رِسالَةً مِنَ الهَيئَةِ الحاكِمَة.‏ فتَأثَّروا كَثيرًا حينَ سَمِعوا ما كَتَبَهُ لهُمُ الإخوَة:‏ «نَحنُ نَذكُرُكُم دائِمًا في صَلَواتِنا.‏ ونَعرِفُ جَيِّدًا أنَّ يَهْوَه لن يَتَخَلَّى عنكُم».‏ وكم كانَت هذِهِ الكَلِماتُ في مَحَلِّها!‏ فاليَوم،‏ هُناك أكثَرُ مِن ٠٠٠‏,٣٠ أخٍ وأُختٍ يَخدُمونَ يَهْوَه بِفَرَحٍ في رُوَانْدَا.‏

تَصميمي أن أبْقى وَلِيًّا

بَعدَ ٥٨ سَنَةَ زَواجٍ تَقريبًا،‏ خَسِرتُ حَبيبَتي إلِّلي سَنَةَ ٢٠١١.‏ لكنَّ يَهْوَه كانَ يُعَزِّيني حينَ أُصَلِّي إلَيهِ وأُخبِرُهُ عن حُزني.‏ وما عَزَّاني أيضًا هو إخبارُ النَّاسِ عن مَملَكَةِ اللّٰه.‏

مع أنَّني في تِسعيناتي،‏ ما زِلتُ أُشارِكُ كُلَّ أُسبوعٍ في الخِدمَةِ المَسِيحِيَّة.‏ ويُفرِحُني أيضًا أن أُساعِدَ في قِسمِ القَضايا القانونِيَّة هُنا في فَرعِ بَلْجِيكَا،‏ أن أَرْوِيَ اختِباراتي لِلآخَرين،‏ وأقومَ بِزِياراتٍ رِعائِيَّة لِلشَّبابِ في عائِلَةِ بَيْت إيل.‏

مُنذُ ٨٤ سَنَةً تَقريبًا،‏ صَلَّيتُ إلى يَهْوَه لِأوَّلِ مَرَّة.‏ وكانَت تِلكَ بِدايَةَ رِحلَةٍ رائِعَة قَرَّبَتني مِنهُ أكثَرَ فأكثَر.‏ وأنا أشكُرُهُ كَثيرًا لِأنَّهُ على مَرِّ السِّنينَ في حَياتي،‏ أصْغى بِانتِباهٍ إلى صَلَواتي.‏ —‏ مز ٦٦:‏١٩‏.‏ b

a نُشِرَت قِصَّةُ حَياةِ الأخ شْرَانْتْز في عَدَد ١٥ أيْلُول (‏سِبْتَمْبِر)‏ ١٩٧٣ مِن بُرجِ المُراقَبَة‏،‏ الصَّفَحات ٥٧٠-‏٥٧٤ (‏بِالإنْكِلِيزِيَّة)‏‏.‏

b فيما كانَت هذِهِ المَقالَةُ تُعَدُّ لِلنَّشر،‏ تُوُفِّيَ الأخ مَارْسِيل جِيلِيه في ٤ شُبَاط (‏فِبْرَايِر)‏ ٢٠٢٣.‏