الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قِصَّةُ حَيَاةٍ

من الفقر الى الغنى

من الفقر الى الغنى

وُلِدْتُ فِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ جِدًّا ٱسْمُهَا لِيبِرْتِي فِي وِلَايَةِ إِنْدِيَانَا ٱلْأَمِيرْكِيَّةِ.‏ كُنْتُ ٱلْوَلَدَ ٱلرَّابِعَ بَعْدَ صَبِيٍّ وَبِنْتَيْنِ،‏ ثُمَّ أَنْجَبَتْ أُمِّي لَاحِقًا صَبِيَّيْنِ آخَرَيْنِ وَبِنْتًا.‏ وَكَانَ بَيْتُنَا عِبَارَةً عَنْ كُوخٍ خَشَبِيٍّ مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ.‏

اَلْكُوخُ ٱلْخَشَبِيُّ ٱلَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ

فِي ٱلْمَدْرَسَةِ،‏ كَانَتْ كُلُّ سَنَةٍ تُشْبِهُ ٱلَّتِي قَبْلَهَا.‏ فَرِفَاقِي فِي ٱلصَّفِّ لَمْ يَتَغَيَّرُوا حَتَّى ٱلتَّخَرُّجِ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ عَرَفَ مُعْظَمُ ٱلنَّاسِ فِي لِيبِرْتِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا.‏

وُلِدْتُ فِي عَائِلَةٍ مِنْ ٧ أَوْلَادٍ،‏ وَتَعَلَّمْتُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلزِّرَاعَةِ فِي مُرَاهَقَتِي

أَحَاطَتْ مَزَارِعُ صَغِيرَةٌ بِٱلْبَلْدَةِ،‏ وَكَانَ مَحْصُولُهَا ٱلرَّئِيسِيُّ هُوَ ٱلذُّرَةَ.‏ وَقَدْ عَمِلَ أَبِي فِي إِحْدَاهَا.‏ وَتَعَلَّمْتُ قِيَادَةَ ٱلْجَرَّارِ وَمَهَارَاتٍ زِرَاعِيَّةً أُخْرَى.‏

كَانَ فَارِقُ ٱلْعُمْرِ شَاسِعًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي.‏ فَكَانَ عُمْرُهُ ٥٦ عَامًا حِينَ وُلِدْتُ،‏ وَأُمِّي ٣٥ عَامًا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ عَرَفْنَاهُ رَجُلًا قَوِيًّا وَمُجْتَهِدًا.‏ وَقَدْ عَلَّمَنَا جَمِيعًا أَهَمِّيَّةَ ٱلْعَمَلِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ ٱلْكَثِيرَ،‏ لٰكِنَّهُ أَمَّنَ لَنَا كُلَّ حَاجَاتِنَا،‏ وَوَقَفَ دَائِمًا إِلَى جَانِبِنَا.‏ وَقَدْ تُوُفِّيَ عَنْ عُمْرِ ٩٣ سَنَةً،‏ أَمَّا أُمِّي فَعَنْ عُمْرِ ٨٦ سَنَةً.‏ وَلَمْ يَكُنْ أَيٌّ مِنْهُمَا خَادِمًا لِيَهْوَهَ.‏ لٰكِنَّ أَحَدَ إِخْوَتِي صَارَ شَاهِدًا،‏ وَهُوَ يَخْدُمُ كَشَيْخٍ مُنْذُ بَدَأَ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ عَامَ ١٩٧٢.‏

اَلْمَرَاحِلُ ٱلْأُولَى مِنْ حَيَاتِي

كَانَتْ أُمِّي مُتَدَيِّنَةً جِدًّا،‏ وَأَخَذَتْنَا إِلَى ٱلْكَنِيسَةِ ٱلْمَعْمَدَانِيَّةِ كُلَّ أَحَدٍ.‏ وَهُنَاكَ سَمِعْتُ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ بِٱلثَّالُوثِ وَأَنَا بِعُمْرِ ١٢ سَنَةً.‏ فَسَأَلْتُ أُمِّي:‏ «كَيْفَ يَكُونُ يَسُوعُ ٱلْآبَ وَٱلِٱبْنَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ؟‏».‏ أَجَابَتْ:‏ «هٰذَا سِرٌّ،‏ وَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْهَمَهُ».‏ وَبِٱلْفِعْلِ لَمْ أَفْهَمْهُ!‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱعْتَمَدْتُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ.‏ فَغُطِّسْتُ ٣ مَرَّاتٍ:‏ مَرَّةً لِلْآبِ وَمَرَّةً لِلِٱبْنِ وَمَرَّةً لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏

١٩٥٢:‏ بِعُمْرِ ١٧ سَنَةً،‏ قَبْلَ ٱسْتِدْعَائِي إِلَى ٱلْجَيْشِ

لَاحِقًا فِي ٱلْمَدْرَسَةِ ٱلثَّانَوِيَّةِ،‏ أَقْنَعَنِي صَدِيقِي أَنْ أَصِيرَ مُلَاكِمًا مِثْلَهُ.‏ فَبَدَأْتُ أَتَدَرَّبُ،‏ ثُمَّ تَسَجَّلْتُ فِي مُنَظَّمَةٍ مُهِمَّةٍ لِلْمُلَاكَمَةِ.‏ لٰكِنِّي لَمْ أَكُنْ مُلَاكِمًا جَيِّدًا.‏ فَتَوَقَّفْتُ بَعْدَ بِضْعِ مُبَارَيَاتٍ.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ ٱسْتُدْعِيتُ إِلَى ٱلْجَيْشِ وَأُرْسِلْتُ إِلَى أَلْمَانِيَا.‏ ثُمَّ أَرْسَلَنِي ٱلْمَسْؤُولُونَ عَنِّي إِلَى مَعْهَدِ ٱلضُّبَّاطِ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا فِيَّ قَائِدًا بَارِعًا.‏ لٰكِنِّي لَمْ أَرْغَبْ أَنْ أُمْضِيَ حَيَاتِي فِي ٱلْجَيْشِ.‏ فَبَقِيتُ فِيهِ سَنَتَيْنِ حَتَّى ٱنْتَهَتْ خِدْمَتِي سَنَةَ ١٩٥٦.‏ وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى ٱلْتَحَقْتُ بِجَيْشٍ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ.‏

١٩٥٤-‏١٩٥٦:‏ أَمْضَيْتُ سَنَتَيْنِ فِي ٱلْجَيْشِ ٱلْأَمِيرْكِيِّ

حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ تَبْدَأُ

تَأَثَّرْتُ بِنَظْرَةِ ٱلْمُجْتَمَعِ إِلَى ٱلرُّجُولَةِ.‏ فَكُنْتُ قَاسِيًا وَحَادَّ ٱلطَّبْعِ،‏ وَٱعْتَبَرْتُ أَنَّ ٱلتَّبْشِيرَ لَا يَلِيقُ بِٱلرِّجَالِ.‏ لٰكِنِّي تَعَلَّمْتُ أُمُورًا قَلَبَتْ حَيَاتِي.‏ فَذَاتَ يَوْمٍ،‏ فِيمَا كُنْتُ أَقُودُ سَيَّارَتِي ٱلْحَمْرَاءَ ٱلْمَكْشُوفَةَ،‏ أَوْقَفَتْنِي فَتَاتَانِ.‏ كَانَتَا ٱلْأُخْتَيْنِ ٱلصُّغْرَيَيْنِ لِصِهْرِي،‏ وَهُمَا مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ.‏ وَكُنْتُ قَدْ أَخَذْتُ مِنْهُمَا أَعْدَادًا مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ وَ إِسْتَيْقِظْ!‏.‏ إِلَّا أَنِّي شَعَرْتُ أَنَّ بُرْجَ ٱلْمُرَاقَبَةِ عَمِيقَةٌ جِدًّا.‏ لٰكِنَّهُمَا هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ دَعَتَانِي إِلَى دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْجَمَاعِيِّ فِي مَنْزِلِهِمَا،‏ وَهُوَ ٱجْتِمَاعٌ لِدَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَقُلْتُ إِنِّي سَأُفَكِّرُ فِي ٱلْمَوْضُوعِ.‏ فَسَأَلَتَا:‏ «هَلْ تَعِدُنَا؟‏».‏ أَجَبْتُ:‏ «أَعِدُكُمَا».‏

أَعْتَرِفُ أَنِّي نَدِمْتُ عَلَى هٰذَا ٱلْوَعْدِ،‏ لٰكِنِّي لَمْ أُرِدْ أَنْ أَتَرَاجَعَ عَنْهُ.‏ فَذَهَبْتُ وَتَفَاجَأْتُ بِٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي يَعْرِفُهَا ٱلصِّغَارُ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ أَمَّا أَنَا،‏ فَلَمْ أَعْرِفْ إِلَّا ٱلْقَلِيلَ رَغْمَ كُلِّ ٱلْمَرَّاتِ ٱلَّتِي ذَهَبْتُ فِيهَا إِلَى ٱلْكَنِيسَةِ.‏ فَوَافَقْتُ أَنْ أَدْرُسَ.‏ وَكَمْ تَعَلَّمْتُ أُمُورًا جَدِيدَةً!‏ فَفِي ٱلْمَاضِي،‏ عِنْدَمَا سَأَلْتُ أُمِّي عَنِ ٱلشُّهُودِ،‏ قَالَتْ لِي إِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ رَجُلًا عَجُوزًا ٱسْمُهُ يَهْوَهُ.‏ أَمَّا ٱلْآنَ،‏ فَأَوَّلُ مَا تَعَلَّمْتُهُ أَنَّ يَهْوَهَ هُوَ ٱسْمُ ٱللهِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.‏

لَقَدْ عَرَفْتُ أَنِّي وَجَدْتُ ٱلْحَقَّ فَتَقَدَّمْتُ بِسُرْعَةٍ.‏ وَٱعْتَمَدْتُ فِي آذَارَ (‏مَارِس)‏ ١٩٥٧،‏ أَيْ بَعْدَ ٩ أَشْهُرٍ فَقَطْ مِنْ أَوَّلِ ٱجْتِمَاعٍ حَضَرْتُهُ.‏ وَمَا تَعَلَّمْتُهُ غَيَّرَ طَرِيقَةَ تَفْكِيرِي كُلِّيًّا.‏ فَفَهِمْتُ مَعْنَى ٱلرُّجُولَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ.‏ مَثَلًا،‏ كَانَ يَسُوعُ رَجُلًا كَامِلًا وَقَادِرًا أَنْ يُرَجِّفَ أَقْوَى ٱلرِّجَالِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَشْتَرِكْ فِي أَيِّ عِرَاكٍ بَلْ «تَذَلَّلَ»،‏ تَمَامًا كَمَا أُنْبِئَ عَنْهُ.‏ (‏اش ٥٣:‏٢،‏ ٧‏)‏ وَكُلُّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتْبَعَهُ «يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُتَرَفِّقًا نَحْوَ ٱلْجَمِيعِ».‏ —‏ ٢ تي ٢:‏٢٤‏.‏

فِي ٱلسَّنَةِ ٱلتَّالِيَةِ،‏ صِرْتُ فَاتِحًا.‏ لٰكِنِّي تَوَقَّفْتُ بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ.‏ فَقَدْ قَرَّرْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ غْلُورْيَا،‏ إِحْدَى ٱلْفَتَاتَيْنِ ٱللَّتَيْنِ دَعَتَانِي إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعِ.‏ وَلَمْ أَنْدَمْ قَطُّ عَلَى هٰذَا ٱلْقَرَارِ.‏ فَغْلُورْيَا كَانَتْ جَوْهَرَةً آنَذَاكَ وَلَا تَزَالُ حَتَّى ٱلْيَوْمِ.‏ سَتُخْبِرُكُمُ ٱلْآنَ قَلِيلًا عَنْ نَفْسِهَا:‏

‏«وُلِدْتُ فِي عَائِلَةٍ تَضُمُّ ١٧ وَلَدًا.‏ كَانَتْ أُمِّي شَاهِدَةً أَمِينَةً لِيَهْوَهَ،‏ لٰكِنَّهَا تُوُفِّيَتْ وَأَنَا بِعُمْرِ ١٤ سَنَةً.‏ بَعْدَ وَفَاتِهَا،‏ بَدَأَ أَبِي يَدْرُسُ ٱلْحَقَّ.‏ وَطَلَبَ مِنْ مُدِيرِ ٱلْمَدْرَسَةِ أَنْ يَسْمَحَ لَنَا أَنَا وَأُخْتِي أَنْ نَذْهَبَ إِلَى ٱلْمَدْرَسَةِ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ.‏ فَكَانَتْ إِحْدَانَا تَذْهَبُ إِلَى ٱلْمَدْرَسَةِ،‏ وَٱلْأُخْرَى تَهْتَمُّ بِإِخْوَتِنَا ٱلصِّغَارِ وَتُحَضِّرُ ٱلْعَشَاءَ.‏ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ نَتَبَادَلُ ٱلْأَدْوَارَ.‏ وَٱتَّبَعْنَا هٰذَا ٱلْبَرْنَامَجَ حَتَّى تَخَرَّجَتْ أُخْتِي ٱلَّتِي كَانَتْ فِي سَنَتِهَا ٱلْأَخِيرَةِ.‏ وَقَدْ دَرَسَتْ مَعَنَا عَائِلَتَانِ مِنَ ٱلشُّهُودِ،‏ وَٱعْتَمَدَ ١١ وَلَدًا مِنَّا.‏ وَمَعَ أَنِّي كُنْتُ خَجُولَةً جِدًّا،‏ أَحْبَبْتُ خِدْمَةَ ٱلْحَقْلِ.‏ وَعَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ،‏ سَاعَدَنِي سَام أَنْ أَتَغَلَّبَ عَلَى خَجَلِي».‏

تَزَوَّجْنَا أَنَا وَغْلُورْيَا فِي شُبَاطَ (‏فِبْرَايِر)‏ ١٩٥٩،‏ وَكُنَّا سَعِيدَيْنِ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ.‏ لٰكِنَّنَا أَحْبَبْنَا أَنْ نَخْدُمَ فِي بَيْتَ إِيلَ فِي ٱلْمَرْكَزِ ٱلرَّئِيسِيِّ ٱلْعَالَمِيِّ.‏ فَقَدَّمْنَا طَلَبًا فِي تَمُّوزَ (‏يُولْيُو)‏.‏ فَقَابَلَنَا أَخٌ عَزِيزٌ عَلَى قَلْبِي ٱسْمُهُ سَيْمُون كْرَاكِر،‏ وَقَالَ لَنَا إِنَّ طَلَبَاتِ ٱلْمُتَزَوِّجِينَ لَمْ تُقْبَلْ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ نَفْقِدْ رَغْبَتَنَا هٰذِهِ.‏

بَعْدَئِذٍ كَتَبْنَا رِسَالَةً إِلَى ٱلْمَرْكَزِ ٱلرَّئِيسِيِّ كَيْ نَخْدُمَ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَكْبَرُ إِلَى مُبَشِّرِينَ.‏ فَأَعْطَوْنَا خِيَارًا وَاحِدًا:‏ بَايْن بْلُوف فِي وِلَايَةِ آرْكَانْسَاس.‏ وَآنَذَاكَ،‏ كَانَ فِي بَايْن بْلُوف جَمَاعَتَانِ فَقَطْ:‏ وَاحِدَةٌ لِلْبِيضِ وَأُخْرَى لِلسُّودِ.‏ فَتَعَيَّنَّا فِي جَمَاعَةِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلسُّودِ ٱلَّتِي ضَمَّتْ ١٤ نَاشِرًا فَقَطْ.‏

اَلْخِدْمَةُ رَغْمَ ٱلتَّمْيِيزِ وَٱلْعُنْصُرِيَّةِ

رُبَّمَا تَتَسَاءَلُونَ لِمَاذَا قُسِمَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ إِلَى سُودٍ وَبِيضٍ.‏ وَٱلْجَوَابُ بِبَسَاطَةٍ أَنَّ هٰذَا ٱلْوَاقِعَ فُرِضَ عَلَيْنَا.‏ فَٱلْقَوَانِينُ آنَذَاكَ مَنَعَتِ ٱلْتِقَاءَ أَشْخَاصٍ مِنْ عُرُوقٍ مُخْتَلِفَةٍ.‏ وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ ذٰلِكَ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلضَّرْبِ وَٱلتَّعْنِيفِ.‏ وَفِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ،‏ لَمْ يَجْتَمِعِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلسُّودُ وَٱلْبِيضُ فِي قَاعَةٍ وَاحِدَةٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ تُدَمَّرَ ٱلْقَاعَةُ.‏ وَإِذَا بَشَّرَ إِخْوَةٌ سُودٌ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ فِي حَيٍّ لِلْبِيضِ،‏ كَانُوا يُعْتَقَلُونَ،‏ وَأَحْيَانًا كَثِيرَةً يُضْرَبُونَ.‏ لِذٰلِكَ أَطَعْنَا ٱلْقَوَانِينَ كَيْ لَا نُعَرْقِلَ ٱلْعَمَلَ،‏ آمِلِينَ أَنْ يَتَحَسَّنَ ٱلْوَضْعُ.‏

لَمْ تَكُنْ خِدْمَتُنَا سَهْلَةً.‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا كُنَّا نُبَشِّرُ فِي مُقَاطَعَةٍ لِلسُّودِ،‏ لٰكِنَّنَا أَحْيَانًا قَرَعْنَا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ بَابَ عَائِلَاتٍ مِنَ ٱلْبِيضِ.‏ فَلَزِمَ أَنْ نُقَرِّرَ بِسُرْعَةٍ هَلْ نُبَشِّرُهُمْ بِٱخْتِصَارٍ،‏ أَمْ نَعْتَذِرُ وَنُغَادِرُ فَوْرًا.‏

بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ،‏ عَمِلْنَا بِكَدٍّ لِنُعِيلَ أَنْفُسَنَا.‏ وَفِي مُعْظَمِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ كُنَّا نَجْنِي ٣ دُولَارَاتٍ فِي ٱلْيَوْمِ.‏ مَثَلًا،‏ قَامَتِ غْلُورْيَا بِٱلْأَعْمَالِ ٱلْمَنْزِلِيَّةِ لَدَى بَعْضِ ٱلْعَائِلَاتِ.‏ وَسُمِحَ لِي أَنْ أُسَاعِدَهَا فِي أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ كَيْ نُنْجِزَ ٱلْعَمَلَ فِي نِصْفِ ٱلْوَقْتِ.‏ وَأَعْطَتْنَا هٰذِهِ ٱلْعَائِلَةُ وَجْبَةً مُعَلَّبَةً وَاحِدَةً نَأْكُلُهَا قَبْلَ أَنْ نُغَادِرَ.‏ وَكُلَّ أُسْبُوعٍ،‏ كَانَتِ غْلُورْيَا تَكْوِي ثِيَابَ إِحْدَى ٱلْعَائِلَاتِ.‏ أَمَّا أَنَا فَنَظَّفْتُ ٱلْبَاحَةَ ٱلْخَلْفِيَّةَ وَٱلشَّبَابِيكَ وَقُمْتُ بِأَعْمَالٍ مُخْتَلِفَةٍ.‏ وَسَمَحَتْ لِي عَائِلَةٌ مِنَ ٱلْبِيضِ أَنْ أُسَاعِدَ غْلُورْيَا فِي تَنْظِيفِ ٱلشَّبَابِيكِ.‏ فَنَظَّفْتُهَا مِنَ ٱلْخَارِجِ،‏ وَهِيَ مِنَ ٱلدَّاخِلِ.‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلْعَمَلَ تَطَلَّبَ يَوْمًا كَامِلًا،‏ أَمَّنُوا لَنَا ٱلْغَدَاءَ.‏ فَكَانَتِ غْلُورْيَا تَأْكُلُ فِي ٱلْبَيْتِ بَعِيدًا عَنِ ٱلْعَائِلَةِ،‏ وَأَنَا آكُلُ فِي ٱلْمَرْأَبِ خَارِجًا.‏ وَلَمْ أُمَانِعْ لِأَنَّ ٱلطَّعَامَ كَانَ لَذِيذًا.‏ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْعَائِلَةُ لَطِيفَةً،‏ لٰكِنَّهَا تَأَثَّرَتْ بِطَرِيقَةِ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلسَّائِدَةِ.‏ أَذْكُرُ مَرَّةً سَأَلْتُ فِيهَا ٱلْمُوَظَّفَ فِي مَحَطَّةِ ٱلْوَقُودِ هَلْ تَقْدِرُ زَوْجَتِي أَنْ تَدْخُلَ إِلَى ٱلْحَمَّامِ.‏ فَنَظَرَ إِلَيَّ بِغَضَبٍ وَأَجَابَنِي:‏ «إِنَّهُ مُقْفَلٌ».‏

أَعْمَالٌ لَطِيفَةٌ لَا تُنْسَى

مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ أَمْضَيْنَا أَوْقَاتًا مُمْتِعَةً فِي ٱلْخِدْمَةِ فِي بَايْن بْلُوف.‏ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ سَكَنَّا مَعَ خَادِمِ ٱلْجَمَاعَةِ.‏ وَزَوْجَتُهُ لَمْ تَكُنْ شَاهِدَةً لِيَهْوَهَ.‏ فَدَرَسَتْ غْلُورْيَا مَعَهَا،‏ وَدَرَسْتُ أَنَا مَعَ ٱبْنَتِهِمَا وَزَوْجِهَا.‏ وَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ ٱعْتَمَدَتِ ٱلْأُمُّ وَٱبْنَتُهَا.‏

كَانَ لَدَيْنَا أَيْضًا أَصْدِقَاءُ أَعِزَّاءُ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْبِيضِ.‏ وَٱعْتَادُوا أَنْ يَدْعُونَا إِلَى ٱلْعَشَاءِ.‏ وَكَيْ لَا نُسَبِّبَ لَهُمُ ٱلْمَشَاكِلَ،‏ كُنَّا نَذْهَبُ فِي ٱللَّيْلِ.‏ فَمُنَظَّمَةُ ٱلْكُوكْلُوكْس كْلَانَ ٱلَّتِي رَوَّجَتِ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ وَٱلْعُنْفَ كَانَتْ نَاشِطَةً جِدًّا.‏ فَفِي لَيْلَةِ عِيدِ هَالُووِين مَثَلًا،‏ رَأَيْتُ رَجُلًا جَالِسًا أَمَامَ مَنْزِلِهِ وَهُوَ يَرْتَدِي بِكُلِّ فَخْرٍ رِدَاءً أَبْيَضَ ٱرْتَدَاهُ أَعْضَاءُ هٰذِهِ ٱلْمُنَظَّمَةِ.‏ لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلظُّرُوفَ لَمْ تَمْنَعِ ٱلْإِخْوَةَ أَنْ يَكُونُوا لُطَفَاءَ.‏ فَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ ٱحْتَجْنَا إِلَى ٱلْمَالِ لِنَحْضُرَ ٱلْمَحْفِلَ ٱلسَّنَوِيَّ.‏ فَوَافَقَ أَخٌ أَنْ يَشْتَرِيَ سَيَّارَتَنَا ٱلَّتِي كَانَتْ مِنْ طِرَازِ فُورْد ١٩٥٠.‏ وَلٰكِنْ بَعْدَ شَهْرٍ تَقْرِيبًا،‏ كَانَتْ مُفَاجَأَةٌ بِٱنْتِظَارِنَا.‏ فَفِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ،‏ عُدْنَا إِلَى ٱلْبَيْتِ مُتْعَبَيْنِ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ تَحْتَ ٱلشَّمْسِ ٱلْحَارَّةِ.‏ فَرَأَيْنَا سَيَّارَتَنَا وَوَرَقَةً عَلَى زُجَاجِهَا ٱلْأَمَامِيِّ تَقُولُ:‏ «أَحْبَبْتُ أَنْ أُهْدِيَكُمَا سَيَّارَتَكُمَا.‏ أَخُوكُمَا».‏

وَهُنَاكَ لَفْتَةٌ لَطِيفَةٌ أُخْرَى أَثَّرَتْ فِيَّ كَثِيرًا.‏ فَعَامَ ١٩٦٢،‏ دُعِيتُ إِلَى مَدْرَسَةِ خِدْمَةِ ٱلْمَلَكُوتِ فِي سَاوْث لَانْسِينْغ فِي نْيُويُورْك.‏ كَانَ طُولُ ٱلْمَدْرَسَةِ شَهْرًا،‏ وَهَدَفُهَا تَدْرِيبَ نُظَّارِ ٱلْجَمَاعَاتِ وَٱلدَّوَائِرِ وَٱلْكُوَرِ.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا دُعِيتُ،‏ كُنْتُ عَاطِلًا عَنِ ٱلْعَمَلِ وَفِي ضَائِقَةٍ مَادِّيَّةٍ.‏ كَمَا أَجْرَيْتُ فِي ٱلْفَتْرَةِ نَفْسِهَا مُقَابَلَةَ عَمَلٍ مَعَ شَرِكَةِ ٱتِّصَالَاتٍ.‏ وَفِي حَالِ قُبِلْتُ،‏ أَكُونُ أَوَّلَ رَجُلٍ أَسْوَدَ يَعْمَلُ فِي هٰذِهِ ٱلشَّرِكَةِ.‏ وَبَعْدَ مُدَّةٍ،‏ قَالَ لِي ٱلْمَسْؤُولُونَ إِنَّهُمْ سَيُوَظِّفُونَنِي.‏ فَكَانَ ٱلسُّؤَالُ:‏ ‹هَلْ أَحْضُرُ ٱلْمَدْرَسَةَ؟‏›.‏ لَمْ أَمْلِكِ ٱلْمَالَ ٱلْكَافِيَ لِأُسَافِرَ إِلَى نْيُويُورْك.‏ فَفَكَّرْتُ جِدِّيًّا أَنْ أَقْبَلَ ٱلْوَظِيفَةَ وَأَرْفُضَ ٱلدَّعْوَةَ.‏ وَقَرَّرْتُ أَنْ أَكْتُبَ رِسَالَةً إِلَى ٱلْإِخْوَةِ فِي بَيْتَ إِيلَ لِأَعْتَذِرَ عَنِ ٱلْحُضُورِ.‏ لٰكِنْ حَدَثَتْ مُفَاجَأَةٌ لَنْ أَنْسَاهَا أَبَدًا.‏

فَقَدْ زَارَتْنَا فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ أُخْتٌ مِنْ جَمَاعَتِنَا زَوْجُهَا غَيْرُ مُؤْمِنٍ.‏ وَأَعْطَتْنِي ظَرْفًا مَلِيئًا بِٱلْمَالِ.‏ فَفِي ٱلْفَتْرَةِ ٱلْأَخِيرَةِ،‏ كَانَتْ تَسْتَيْقِظُ هِيَ وَبَعْضُ أَوْلَادِهَا بَاكِرًا جِدًّا لِيَعْمَلُوا فِي حُقُولِ ٱلْقُطْنِ.‏ وَكُلُّ ذٰلِكَ لِكَيْ يُؤَمِّنُوا تَكَالِيفَ سَفَرِي إِلَى نْيُويُورْك.‏ قَالَتْ لِي:‏ «اِذْهَبْ إِلَى ٱلْمَدْرَسَةِ وَتَعَلَّمْ.‏ ثُمَّ ٱرْجِعْ وَعَلِّمْنَا».‏ فَطَلَبْتُ مِنَ ٱلشَّرِكَةِ أَنْ أُؤَجِّلَ ٱلْعَمَلَ ٥ أَسَابِيعَ.‏ فَرَفَضَتْ رَفْضًا قَاطِعًا.‏ لٰكِنِّي لَمْ أَنْزَعِجْ؛‏ فَأَنَا ٱتَّخَذْتُ قَرَارِي وَلَمْ أَنْدَمْ عَلَيْهِ بَتَاتًا.‏

وَغْلُورْيَا أَيْضًا لَدَيْهَا ذِكْرَيَاتٌ عَزِيزَةٌ عَنْ خِدْمَتِنَا فِي بَايْن بْلُوف.‏ تُخْبِرُ:‏ «أَحْبَبْتُ ٱلْمُقَاطَعَةَ كَثِيرًا.‏ وَكُنْتُ أَعْقِدُ ١٥ إِلَى ٢٠ دَرْسًا.‏ فَفِي ٱلصَّبَاحِ،‏ نَخْدُمُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ،‏ ثُمَّ نَعْقِدُ ٱلدُّرُوسَ بَقِيَّةَ ٱلْيَوْمِ،‏ وَأَحْيَانًا نَبْقَى حَتَّى ٱلسَّاعَةِ ٱلْـ‍ ١١ لَيْلًا.‏ اَلْخِدْمَةُ فِي بَايْن بْلُوف كَانَتْ مُمْتِعَةً جِدًّا.‏ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَخْدُمَ هُنَاكَ كُلَّ حَيَاتِي.‏ بِصَرَاحَةٍ،‏ لَمْ أُرِدْ أَنْ يَتَغَيَّرَ تَعْيِينُنَا وَنَبْدَأَ بِٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ،‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ فَاجَأَنَا».‏ لَقَدْ فَاجَأَنَا فِعْلًا .‏ .‏ .‏

حَيَاتُنَا فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ

أَثْنَاءَ ٱلْخِدْمَةِ فِي بَايْن بْلُوف،‏ قَدَّمْنَا طَلَبًا لِنَخْدُمَ فَاتِحَيْنِ خُصُوصِيَّيْنِ.‏ وَتَوَقَّعْنَا أَنْ يُقْبَلَ طَلَبُنَا،‏ لِأَنَّ نَاظِرَ ٱلْكُورَةِ أَرَادَ أَنْ نَدْعَمَ جَمَاعَةً فِي تَكْسَاس كَفَاتِحَيْنِ خُصُوصِيَّيْنِ.‏ كُنَّا مُتَحَمِّسَيْنِ لِهٰذَا ٱلتَّغْيِيرِ،‏ فَٱنْتَظَرْنَا وَٱنْتَظَرْنَا.‏ وَلٰكِنْ كُلَّمَا تَفَقَّدْنَا صُنْدُوقَ ٱلْبَرِيدِ لِنَرَى هَلْ وَصَلَنَا جَوَابٌ مِنَ ٱلْجَمْعِيَّةِ،‏ وَجَدْنَاهُ فَارِغًا.‏ وَأَخِيرًا،‏ وَصَلَتْنَا رِسَالَةٌ فِي كَانُونَ ٱلثَّانِي (‏يَنَايِر)‏ ١٩٦٥ جَاءَ فِيهَا أَنَّنَا تَعَيَّنَّا فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ.‏ وَقَدْ تَعَيَّنَ لِيُون وِيفِر،‏ مُنَسِّقُ لَجْنَةِ فَرْعِ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ ٱلْآنَ،‏ نَاظِرَ دَائِرَةٍ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ.‏

قَلِقْتُ كَثِيرًا بِشَأْنِ تَعْيِينِي ٱلْجَدِيدِ.‏ فَقَبْلَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا،‏ دَرَسَ مُؤَهِّلَاتِي نَاظِرُ ٱلْكُورَةِ جَيمْس أ.‏ طُومْسُونُ ٱلْأَصْغَرُ.‏ ثُمَّ لَفَتَ نَظَرِي بِلُطْفٍ إِلَى مَجَالَاتٍ يَجِبُ أَنْ أَتَحَسَّنَ فِيهَا.‏ وَذَكَرَ مَهَارَاتٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا نَاظِرُ ٱلدَّائِرَةِ.‏ وَمَا إِنْ بَدَأْتُ بِٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ حَتَّى أَدْرَكْتُ قِيمَةَ نَصِيحَتِهِ.‏ وَكَانَ ٱلْأَخُ طُومْسُون أَوَّلَ نَاظِرِ كُورَةٍ أَخْدُمُ مَعَهُ.‏ فَتَعَلَّمْتُ ٱلْكَثِيرَ مِنْهُ.‏

أُقَدِّرُ كَثِيرًا ٱلْمُسَاعَدَةَ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا لِي إِخْوَةٌ أُمَنَاءُ وَرُوحِيُّونَ

فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ،‏ لَمْ يَتَلَقَّ نُظَّارُ ٱلدَّوَائِرِ سِوَى ٱلْقَلِيلِ مِنَ ٱلتَّدْرِيبِ.‏ فَقَدْ رَاقَبْتُ نَاظِرَ دَائِرَةٍ فِي زِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ.‏ وَفِي ٱلْأُسْبُوعِ ٱلتَّالِي،‏ تَبَادَلْنَا ٱلْأَدْوَارَ وَقَدَّمَ لِي بَعْضَ ٱلنَّصَائِحِ.‏ وَلٰكِنْ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ خَدَمْنَا أَنَا وَغْلُورْيَا وَحْدَنَا.‏ أَذْكُرُ أَنِّي قُلْتُ لَهَا:‏ «لَيْتَهُ يَبْقَى وَقْتًا أَطْوَلَ».‏ إِلَّا أَنِّي تَعَلَّمْتُ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ دَرْسًا مُهِمًّا:‏ هُنَاكَ دَائِمًا إِخْوَةٌ رُوحِيُّونَ جَاهِزُونَ أَنْ يُسَاعِدُونَا،‏ إِذَا سَمَحْنَا لَهُمْ بِذٰلِكَ.‏ وَأَنَا أُقَدِّرُ كَثِيرًا مُسَاعَدَةَ إِخْوَةٍ ذَوِي خِبْرَةٍ مِثْلِ جَاي آر بْرَاوْنَ ٱلَّذِي كَانَ نَاظِرًا جَائِلًا،‏ وَفْرِد رَاسْك مِنْ عَائِلَةِ بَيْتَ إِيلَ.‏

خِلَالَ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ،‏ كَانَتِ ٱلْعُنْصُرِيَّةُ مُنْتَشِرَةً جِدًّا.‏ فَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ نَظَّمَتِ ٱلْكُوكْلُوكْس كْلَان مَسِيرَةً فِي بَلْدَةٍ كُنَّا نَزُورُهَا فِي وِلَايَةِ تَنِيسِي.‏ وَفِي حَادِثَةٍ أُخْرَى،‏ دَخَلْتُ أَنَا وَبَعْضُ ٱلْإِخْوَةِ إِلَى مَطْعَمٍ لِنَسْتَرِيحَ قَلِيلًا.‏ وَعِنْدَمَا ذَهَبْتُ إِلَى ٱلْحَمَّامِ،‏ لَاحَظْتُ أَنَّ رَجُلًا أَبْيَضَ لَحِقَ بِي.‏ كَانَ ٱلْغَضَبُ بَادِيًا عَلَى وَجْهِهِ وَقَدْ رَسَمَ وُشُومًا تَدُلُّ أَنَّهُ عُنْصُرِيٌّ.‏ فَلَحِقَ بِنَا أَخٌ أَبْيَضُ أَضْخَمُ مِنِّي وَمِنْهُ بِكَثِيرٍ وَسَأَلَنِي:‏ «هَلْ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَامُ أَخُ هِيرْد؟‏».‏ وَفِي ٱلْحَالِ،‏ ذَهَبَ ذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ حَتَّى دُونَ أَنْ يَدْخُلَ ٱلْحَمَّامَ.‏ لَقَدْ تَعَلَّمْتُ أَنَّ أَسَاسَ ٱلْعُنْصُرِيَّةِ لَيْسَ ٱلِٱخْتِلَافَ فِي لَوْنِ ٱلْبَشَرَةِ،‏ بَلِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلَّتِي وَرِثْنَاهَا جَمِيعًا مِنْ آدَمَ.‏ كَمَا تَعَلَّمْتُ أَنَّ ٱلشُّهُودَ هُمْ إِخْوَةٌ فِعْلًا،‏ مَهْمَا كَانَ لَوْنُ بَشَرَتِهِمْ.‏ وَهُمْ مُسْتَعِدُّونَ أَنْ يَمُوتُوا وَاحِدُهُمْ مِنْ أَجْلِ ٱلْآخَرِ إِذَا لَزِمَ ٱلْأَمْرُ.‏

بَرَكَاتُ يَهْوَهَ تُغْنِينَا

أَمْضَيْنَا ٣٣ سَنَةً فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ،‏ وَخَدَمْتُ فِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱلْـ‍ ٢١ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْهَا كَنَاظِرِ كُورَةٍ.‏ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلسَّنَوَاتُ غَنِيَّةً بِٱلْبَرَكَاتِ وَٱلِٱخْتِبَارَاتِ ٱلْمُشَجِّعَةِ.‏ لٰكِنَّ بَرَكَةً أُخْرَى كَانَتْ بِٱنْتِظَارِنَا.‏ فَفِي آبَ (‏أُغُسْطُس)‏ ١٩٩٧،‏ تَحَقَّقَ حُلْمُنَا بَعْدَ طُولِ ٱنْتِظَارٍ.‏ فَقَدْ دُعِينَا إِلَى بَيْتَ إِيلَ بَعْدَ نَحْوِ ٣٨ سَنَةً عَلَى تَقْدِيمِ ٱلطَّلَبِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.‏ وَبَدَأْنَا نَخْدُمُ هُنَاكَ فِي شَهْرِ أَيْلُولَ (‏سِبْتَمْبِر)‏.‏ وَظَنَنْتُ أَنِّي سَأَخْدُمُ هُنَاكَ مُؤَقَّتًا،‏ لٰكِنِّي كُنْتُ مُخْطِئًا.‏

كَانَتِ غْلُورْيَا جَوْهَرَةً عِنْدَمَا تَزَوَّجْتُهَا،‏ وَلَا تَزَالُ حَتَّى ٱلْيَوْمِ

فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ عُيِّنْتُ فِي قِسْمِ ٱلْخِدْمَةِ حَيْثُ تَعَلَّمْتُ ٱلْكَثِيرَ.‏ فَٱلْإِخْوَةُ فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ يُعَالِجُونَ قَضَايَا حَسَّاسَةً يَطْرَحُهَا ٱلشُّيُوخُ وَنُظَّارُ ٱلدَّوَائِرِ فِي كُلِّ ٱلْبَلَدِ.‏ وَأُقَدِّرُ كَثِيرًا ٱلتَّدْرِيبَ ٱلَّذِي مَنَحُونِي إِيَّاهُ بِصَبْرٍ وَمَحَبَّةٍ.‏ لٰكِنْ فِي حَالِ عُيِّنْتُ مَرَّةً أُخْرَى فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ،‏ سَأَكُونُ بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلتَّدْرِيبِ مِنْ جَدِيدٍ.‏

تَأَقْلَمْنَا بِسُرْعَةٍ مَعَ ٱلْحَيَاةِ فِي بَيْتَ إِيلَ.‏ فَكُنَّا مُعْتَادَيْنِ أَنْ نَسْتَيْقِظَ بَاكِرًا،‏ وَهٰذَا سَاعَدَنَا كَثِيرًا.‏ وَبَعْدَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا،‏ عُيِّنْتُ كَمُسَاعِدٍ لِلَجْنَةِ ٱلْخِدْمَةِ فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ لِشُهُودِ يَهْوَهَ.‏ ثُمَّ عَامَ ١٩٩٩،‏ عُيِّنْتُ فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ طَبْعًا،‏ تَعَلَّمْتُ دُرُوسًا كَثِيرَةً فِي هٰذَا ٱلتَّعْيِينِ.‏ وَأَهَمُّهَا أَنِّي رَأَيْتُ بِوُضُوحٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏

مُنْذُ عَامِ ١٩٩٩،‏ لَدَيَّ ٱمْتِيَازُ ٱلْخِدْمَةِ فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ

عِنْدَمَا أَتَأَمَّلُ فِي حَيَاتِي،‏ أَتَذَكَّرُ مَا حَصَلَ مَعَ عَامُوسَ.‏ فَهُوَ كَانَ رَاعِيًا بَسِيطًا،‏ وَعَمِلَ فِي وَخْزِ ٱلْجُمَّيْزِ ٱلَّذِي ٱعْتُبِرَ طَعَامَ ٱلْفُقَرَاءِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ رَآهُ يَهْوَهُ وَعَيَّنَهُ نَبِيًّا وَبَارَكَهُ بِسَخَاءٍ.‏ (‏عا ٧:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ رَآنِي يَهْوَهُ مَعَ أَنِّي ٱبْنُ مُزَارِعٍ فَقِيرٍ فِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ.‏ وَأَعْطَانِي بَرَكَاتٍ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَعُدَّهَا.‏ (‏ام ١٠:‏٢٢‏)‏ لَقَدْ بَدَأَتْ حَيَاتِي بِدَايَةً فَقِيرَةً مَادِّيًّا.‏ لٰكِنَّ نِهَايَتَهَا غَنِيَّةٌ رُوحِيًّا،‏ أَغْنَى بِكَثِيرٍ مِمَّا تَوَقَّعْتُ!‏